هم نخبة خيّرة من القيمين الدينيين، قضوا جُلّ أعمارهم في خدمة المساجد، نهوضا برسالتها ورفعا لذكر الله في رحابها، ليحين أوانٌ عجزوا فيه عن مواصلة المشوار. فما كان من المؤسسة إلا أن تحمل على عاتقها رعاية هؤلاء البررة، وفاء وعرفانا وإجلالا لله تبارك وتعالى: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن).
يتامى القيمين الدينيين أطفال في سن الزهور، فقدوا حنان الأبوة، وبات مستقبلهم مهددا بكل المخاطر.
لا يمكن - والحالة هذه - أن نقف موقف المتفرج، مسؤوليتنا تقتضي التكفل بهؤلاء، والقيام بشيء يجعل منهم ثروة بيد الأمة تحقق بها التنمية المنشودة.
ديننا الحنيف يزكي هذا العمل ويجعله وسيلة إلى مرافقة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
هن أرامل القيمين الدينيين، فقدن الزوج المعيل، وأصبحن في افتقار إلى دخل يصون كرامتهن ويجبر كسرهن.
إنه لشرف للمؤسسة ولأخيار الأمة، أن تكون لهم يد في السعي على هؤلاء العفيفات الشريفات.
القيام بهذا الدور العظيم يرتقي بأهله إلى أن يبلغوا درجة الصائم الذي لا يفطر أبدا، والقائم الذي لا يفتر أبدا.
ما تقوم به المؤسسة حاليا من صرف إعانة الوفاة، لا يعدوا أن يكون عملا رمزيا اقتضته الضرورة، إلا أن ما تسعى إليه هو تأسيس مشاريع مدرة للدخل تكون وقفا على أرامل القيمين الدينيين في جميع ربوع المملكة الشريفة.
لم يكن غريبا أن تبادر المؤسسة إلى الاهتمام بأبناء وبنات القيمين الدينيين ممن يعانون من اعتلالات ذهنية أو بدنية، فهي واعية بهذه الفئة التي تحس أكثر من غيرها بتنكر المجتمع لها.
لفت الأنظار إليها من صميم عمل المؤسسة، وهي تتطلع - بمعية فضلاء الأمة - إلى إنشاء مشروع نوعي، يجعل من رعاية ذوي العاهات عملا تعاونيا يدمجهم في المجتمع ويزيح عنهم الشعور بالعزلة أو السآمة.
لا يخفى أن تمدرس الأبناء هو من أشد الأحمال ثقلا على الآباء، خاصة حينما يكون المستوى المعيشي محدودا كما هو الشأن بالنسبة لمعظم القيمين الدينيين.
ومن هنا ترى المؤسسة أن دعم المتمدرسين من أبناء وبنات القيمين الدينيين، وإن كان الغرض منه التخفيف من حمل الآباء، إلا أنه موازاة مع ذلك، سيمكنها من الإسهام في خلق أجيال من الكفاءات التي من شأنها أن تكون من الدعائم الكبرى في استقرار هذا الوطن وتنميته.
دعم الطلاب الموهوبين والمتفوقين من أبناء وبنات القيمين الدينيين مشروع يكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى ما يمكن أن يحققه من نتائج باهرة في المستقبل، لأن المؤسسة تتوقع من هؤلاء المتفوقين أن يتبوّءوا مواقع رفيعة في القطاعات المهنية المختلفة، ليكونوا بذلك خير سفراء لها، ويسهموا بدورهم في إنجاز برامجها ومشاريعها.
لذلك ارتأت المؤسسة أن تتوجه إلى المحسنين وترشدهم إلى كنوز من الأجور والحسنات، عبر تبني أكبر عدد ممكن من أبناء وبنات القيمين الدينيين المتفوقين، باحتضانهم ورعايتهم، وتذليل كافة الصعوبات أمامهم في رحلتهم نحو التميز والتألق.
الفرح بعيد الأضحى لدى الأسرة المغربية يرتبط - بشكل عام - بتوفر أضحية العيد، وليس ذلك بالشيء الهيّن المتيسر على شريحة واسعة من القيمين الدينيين، لاسيما العاجزين والمعوزين وأرامل المتوفين منهم. حضور المؤسسة في هذه المناسبة الدينية الشريفة - ومعها المحسنون وأهل الخير- سيدخل سرورا عظيما على قلوب القيمين الدينيين وأسرهم. وإن من أعظم الأعمال وجاهة عند الله تعالى سرورا تدخله على قلب مسلم.
إن من بين فقراء المجتمع وأولاهم بالرعاية في شهر رمضان المعظم، هم فقراء القيمين الدينيين أو أراملهم وأيتامهم، إذ توجد نسبة كبيرة منهم تعيش حالة من ضيق ذات اليد لا قدرة لهم على تحمل وطأتها، معاناتهم معها تكون على مدار أيام السنة، لكنها تشتد أكثر في رمضان، لما لهذا الشهر من خصوصية ليست في غيره.
لذلك، فالمؤسسة توجه دعوات عامة ونداءات ملحة إلى ذوي الأريحية من أهل الخير، من أجل الإحسان إلى فقراء القيمين الدينيين ونسائهم وأطفالهم، أو على أراملهم وأيتامهم، ومواساتهم بفضول أموالهم.
إن من أحوج ما يحتاج إليه القيمون الدينيون، هو أن يجدوا سبيلا إلى التمكن من حقهم في السكن، حتى تتأتى لهم إمكانية تأدية مهامهم على أكمل الوجوه وأتمها؛ نعم إن بعض القيمين الدينيين – وخاصة الأئمة- لديهم سكن ملحق بالمسجد، لكنه يبقى سكنا وظيفيا مؤقتا ينتهي بانتهاء الوظيفة أو تغيير الوضعية، مما يترتب عنه مشكلات لا حصر لها، لا تقتصر على القيم الديني وأسرته فحسب، ولكنها تمتد إلى المسجد وجماعة المسجد وكل جهة لها ارتباط بالمسجد، مما وجب معه تكاثف جهود الجميع سعيا لإيجاد حلول واقعية تمكن القيمين الدينيين من حقهم في السكن. والمؤسسة متفائلة في هذا الباب بتفاعل أهل الجود والإحسان الذين يسعون في فعل الخير ويسارعون إليه.
الزواج مطلب عام يشمل كل شباب المجتمع، ويبقى في حق القيمين الدينيين -وخاصة الأئمة والخطباء- من المطالب الجدية الأكيدة التي لا تحتمل التسويف والتأجيل، لأن القيم الديني يظل في أعين الناس ذلك الإنسان التقي الناصح القدوة، وكونه غير متزوج فهذا يقلل من فعاليته وتأثيره، وربما يطعن أيضا في مصداقيته ونزاهته.
ولذلك اقتضى نظر المؤسسة أن تولي هذا الموضوع ما يستحقه من الأهمية، عبر دعوة وجهاء الناس وأهل المكرمات إلى أن يكونوا عونا لكل قيم ديني أراد أن يحصن نفسه ويعفها بالزواج.
إن من بين القيمين الدينيين من ابتلوا بأمراض مزمنة خطيرة أصابتهم في أنفسهم أوفي أهليهم وأولادهم، ولا قدرة لهم على مواجهتها أو تحملها، فيهم الأرملة التي تضم أيتاما لا معيل لهم، وفيهم الشيخ الكبير الذي لا يملك مالا يستعين به في مرضه وهرمه، وفيهم العاجز الذي أقعدته عن الكسب علّة أصابته، وفيهم صاحب المورد القليل الذي أعياه المرض...
فالمؤسسة تتطلع إلى إسعاف المنتمين إليها هم وأزواجهم وذريتهم، عبر التوجه دائما بالدعوة إلى أهل الخير من أجل تزكية أموالهم وأنفسهم بدعم هؤلاء المرضى وتمكينهم من أسباب العلاج.
تعاني مجموعة كبيرة من القيمين الدينيين -وخاصة المسنين منهم والمعوزين- من أمراض تصيبهم في أعينهم تضعف من بصرهم وتجعلهم عرضة لجملة من المشكلات التي يمكن أن تؤدي بهم في نهاية المطاف إلى فقدان البصر، ومعه يفقدون وظائفهم ويفتقرون إلى غيرهم فيما يخصهم من مستلزمات الحياة وضروراتها...
من هنا كان لزاما على المؤسسة أن تدرج هذا المشروع ضمن مشاريعها، وتتطلع في ذلك إلى تقوية روح التطوع والمبادرة لدى المحسنين وفاعلي الخير، من أجل المشاركة في هذا العمل والعناية بمن ضعف بصره من خدام بيوت الله.
أجمع المربّون والمهتمون بالتنمية البشرية على أن المخيمات الصيفية التي تنظم لفائدة الأطفال المتمدرسين أصبحت ضرورة من ضرورات التكوين النموذجي الأمثل، إذ تكسبهم مجموعة من المهارات والخبرات التي تكون حافزا لهم على صقل مواهبهم.
وإن الظروف المادية الصعبة للقيمين الدينيين لا ينبغي أن تكون سببا في حرمان أبنائهم من الحق في الاستفادة من مثل هاته الأنشطة؛ من أجل ذلك، بادرت المؤسسة إلى فتح هذا الورش الحيوي، وهي تتوقع دعما مواكبا من قبل ذوي الفضل والإحسان الذين سيشعرون بأنهم كما لو كانوا يقدمون هذه الخدمة لأبنائهم وفلذات أكبادهم.
القرآن الكريم مأدبة الله تعالى لعباده ورحمة منه وهداية للناس أجمعين، والقيمون الدينيون هم الرواد الأوائل لهذه المأدبة وحُفّاظها، وهم الذين يدعون الناس إليها ويحضّونهم على الاستمتاع بها، تلك هي وظيفتهم ومهمتهم، في سعي دؤوب نحو تقوية صلة الناس بربهم وبالقرآن الكريم.
ورغبة من المؤسسة في إبراز هذا الدور وتطويره؛ ارتأت أن تدرج ضمن سلسلة مشاريعها، مشروع المجالس القرآنية الرمضانية، تكريما للقيمين الدينيين الذين يشرفون على أكبر حلقة يومية لقراءة الحزب الراتب، ومناسبة أيضا لتكريم قيمين آخرين قضوا زهرة أعمارهم في خدمة بيوت الله عرفانا وتقديرا لهم؛ وسيكون إشراك أهل البر والإحسان في دعم هذا العمل وتمويله، إكراما لأهل القرآن.
أهل المغرب عموما ممن سكن قلوبهم حب بيت الله العتيق، واكتوت جوانحهم بنيران الشوق إلى رحابه، لديهم تعلق قل نظيره بأداء مناسك الحج وزيارة الحرمين الشريفين.
وإن القيمين الدينيين لمن أكثر الناس تطلعا إلى أداء فريضة الحج، يترقبون أي فرصة تمكنهم من تحقيق حلم الرحلة إلى تلك البقاع المباركة، يأملون أن يكونوا في يوم من الأيام ضمن مواكب الإيمان وقوافل عباد الرحمن، الذين يجأرون إلى ربهم طلبا للرحمة والعافية، يرغبون في عدم مفارقة الحياة إلا بعد أن تدرج أسماؤهم ضمن قوائم ركب الحج ممن لبى النداء وصدحت حناجرهم بالتلبية.
من هنا يأتي مشروع إحجاج القيمين الدينيين ليستجيب لتلك التطلعات والآمال، ويلبي ما استطاع منها بحسب ما تتيحه أريحية المؤمنين أهل الخير والإحسان.