يشير الظهير الشريف في مادته الثانية إلى أن الغرض من إحداث المؤسسة هو النهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، وهو الهدف الاستراتيجي الذي نطقت بمدلوله المادة المذكورة، وعززته بهدفين إجرائيين: "تنمية" و"تطوير" الأعمال الاجتماعية. فالدلالة اللغوية هنا توحي بأن الأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين قائمة، ولا تحتاج سوى للنهوض بها وتطويرها.
لكن يبقى أن الظهير لم يشر صراحة لتعريف الأعمال الاجتماعية، رغم أنه حاول حصرها في المادة الثالثة التي أتت بصفة عمومية، أكثر منها إجرائية، مما يتطلب مزيدا من الاجتهاد لجعلها أكثر دقة عند إصدار النصوص التطبيقية.
القيمون الدينيون:
لقد قسم المشرع القيمين الدينيين المعنيين بالاستفادة من خدمات المؤسسة إلى قسمين:
1- القيمون الدينيون الذين يمارسون مهام دينية: كالإمامة، الخطابة، الإرشاد، الآذان والوعظ.
2- القيمون الدينيون الذي يمارسون مهام تقنية: وهي على سبيل الحصر النظافة والحراسة و المراقبة.
هؤلاء القيمون الدينيون يعتبرون منخرطين بصفة تلقائية في المؤسسة بمجرد توليهم مهامهم بصفة قانونية بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، بمعنى أن يكونوا معينين من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالنسبة للخطباء والأئمة، ومن لدن وزير الأوقاف أو فئة المحسنين بالنسبة لباقي المهام حسب ما إذا كان المسجد تنفق عليه الأوقاف أو ينفق عليه المحسنون.
والملاحظ هنا أن الظهير لم يقتصر فقط على القيمين الدينيين الذين يمارسون مهامهم بالمساجد كما قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، ولكن يشمل جميع القيمين الدينيين الذين يمارسون مهامهم بجميع الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي بما في ذلك الزوايا وغيرها.
وهنا يطرح سؤال كبير حول الشريحة التي ستتعامل معها المؤسسة وحجمها الحقيقي، ويؤكد أهمية إحداث قاعدة معطيات خاصة بالقيمين الدينيين تابعة للمؤسسة وتتكامل مع قاعدة المعطيات الخاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
يعتبر الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، في ليلة القدر 26 رمضان 1429 )27 شتنبر 2008) خطابا تأسيسيا، ومحطة بارزة تم خلالها إعلان مجموعة من التدابير الرامية إلى الرقي بالشأن الديني بالمملكة، ومن بين هذه التدابير إحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، التي جاءت تجسيدا للعناية المولوية بأحوال القيمين الدينيين وحرصا من جلالته على توفير الوسائل الكفيلة بتحسين أوضاعهم، في أفق تمكينهم من تحمل مسؤوليتهم لجعل المساجد منبعا للخير والنماء والارتقاء بالمجتمع، وإشاعة أمنه الروحي.
أنشئت المؤسسة بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.09.200 الصادر بتاريخ 8 ربيع الأول1431 هـ (23 فبراير 2010)، والذي يتألف من 27 مادة موزعة على خمسة أبواب تتناول على التوالي: الغرض من إحداث المؤسسة، التنظيم والتسيير، ثم التنظيم المالي والمراقبة، وبابين خاصين بأحكام مختلفة.
وقد استند جلالة الملك في إحداث المؤسسة على الفصل 19 من الدستور، تجسيدا لسلطاته الدينية، واعتبارا لكون إحداث هذه المؤسسة يدخل ضمن المجال الخاص بإمارة المؤمنين، بحيث أن هناك مؤسسات أخرى للأعمال الاجتماعية التي تحمل اسم محمد السادس، لكن مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين هي الوحيدة التي تتميز في أن إنشاءها تم بمقتضى ظهير، وهي تتمتع بالرئاسة الشرفية لمولانا أمير المؤمنين كما أنها تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، حيث أن لها الحق في ممارسة كافة أنواع التصرفات القانونية في التعامل، وفي اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وأن لها ذمة مالية مستقلة شأنها في ذلك شأن الأشخاص الطبيعيين.
الخميس 03 يوليوز 2025 الموافق 7 محرم 1447
اليوم 190
الأمس 637
الأسبوع 1990
الشهر 1393
الكل 1212316