من أسمى الأهداف وأكبر الغايات التي تسعى مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين إلى إنجازها وإيجادها، هي تحقيق الكفاية المادية والمعنوية للقيم الديني، والإسهام في بناء كرامته وإبراز دوره الريادي في خدمة بيوت الله تعالى وفي إصلاح المجتمع.
إن المؤسسة تدرك بأن الطريق إلى تحقيق هذه الأمنية طويل وشاق لا ينال بسهولة أو يحصل بيسر، وإنما يتطلب جهودا حثيثة من لدن كافة المهتمين ومن كل فئات المجتمع، بيد أنه يمكن اتخاذ بعض المبادرات العملية التي من شأنها أن تشكل نقطة تحول في بناء هذا الأمر ولفت الانتباه إليه، وفتح آفاق أرحب للتفكير في إيجاد السبل الكفيلة بتحويله إلى واقع معاش، تستفيد منه الأمة ويستفيد منه سائر أفراد المجتمع.
ونحسب أن البحث عن مواهب القيمين الدينيين وإبداعاتهم في شتى المجالات، واكتشافها وتشجيعها ودعمها واستثمارها، واحد من تلك الوسائل التي يمكن أن يكون لها أثر بالغ في إبراز الدور المثالي للقيم الديني المسهم في بناء مجتمعه، والمنخرط بإيجابية في كل قضاياه وتحولاته ومتغيراته.
إنه يجب منح الفرصة لهؤلاء القيمين كي يظهروا قدراتهم وابتكاراتهم وإبداعاتهم، ويقدموها للمجتمع بالشكل الذي يشعرهم بأهميتها ويقوي عزائمهم على صقلها وتنميتها وتطويرها خدمة للدين وللوطن.
ومما لا شك فيه أن المبدعين من القيمين الدينيين كثيرون، وربما في مجالات لا تخطر على بال، لكن المشكلة ليست في كثرتهم ولا في مجالات إبداعهم، بل تكمن أساسا في كيفية اكتشافهم أولا، ثم في رعايتهم وحسن استثمارهم والاستفادة منهم ثانيا، ومن هنا جاءت فكرة هذا المشروع: "إبداعات القيمين الدينيين من الاكتشاف إلى الاستثمار الأمثل" لتضع لبنة أولى في عمل يهدف إلى:
• اكتشاف القيمين الدينيين المبدعين في كل الميادين والمجالات التي لها صلة بخدمة الدين وقضايا المجتمع.
• رعايتهم وتشجيعهم ودعمهم ماديا ومعنويا.
• إبراز ما يتمتعون به من قدرات ومواهب تسهم في تغيير تلك النظرة السلبية التي تنتقص من قدرهم وشأنهم.
• انتقاء أجود المبدعين واستثمارهم فيما يعود بالنفع عليهم وعلى المؤسسة وعلى المجتمع بأسره.
• تشجيع كل القيمين الدينيين على الابتكار والإبداع، وإشعارهم بأن هناك جهة رسمية ترعاهم وتتبنى أفكارهم وتعرف بها وتنشرها على أوسع نطاق ممكن.
إنه مما يجب التنويه به في هذا السياق، هو أن القيمين الدينيين كانوا دائما يضطلعون بأدوار كبرى في خدمة المجتمع، وبطرق إبداعية لا تكاد توجد عند غيرهم، خاصة فيما يتعلق بنشر الثقافة الإسلامية المعتدلة، وجمع كلمة الناس على الخير والإصلاح بينهم، وإثارة عواطفهم نحو البذل والاجتهاد في العمل الصالح والتعاون على البر والتقوى... لكن يجب الاعتراف أيضا بأن هذا الدور صار أقل بكثير مما هو مطلوب ومما هو ممكن أيضا، لذلك وجب البحث والعمل على التجديد المستمر الذي يتلاءم مع كثرة الأحداث وتزاحم الوقائع والتطورات التي تجتاح الأمة؛ والمؤسسة إذ تتخذ هذه المبادرة، لتؤكد انفتاحها وحاجتها إلى كل من يمد لها يد العون والمساعدة في سعيها نحو الاستثمار الأمثل لكل الطاقات الإبداعية التي يتوفر عليها القيمون الدينيون، وجعلها أداة من أدوات الإصلاح المأمول وتحقيق التنمية البشرية المنشودة.